مسِيح دَارفُور (مقتطفات)

تأليف: عبد العزيز بركة ساكن

صَيدُ الجِنْ

لقد نَسِيَتْ عبد الرحمن كل شيء، حتى الجثتين اللتين وجِدَتَا فوقها، نسيت الحرب، وأزير الطائرات، نسيت المجزرة التي كان ضحيتها أمها، أباها وإخوانها الثلاثة: هارون، اسحق وموسى واختها مريم التي يُقال إنها تعيض في معسكرٍ ما للاجئين بجمهورية تشاد، حيث أنها لم تصادف المجزرة، فكانت قد ذهبت للاحتطاب مع أخريات، لذا لم تكن متأكدة من موقعها ولكنها مجرد ظنون وتوقعات، وإذا كانت حية فستصبح هي العضو الوحيد من اسرتها الذي تبقى لها في الحياة. نسيت تجربة الاغتصاب الأولى يوم المعركة، نسيت الثانية، الثالثة، الرابعة بمعسكر كلمة، أو ربما تناست ذلك بمحض إرادتها، المهم، يبدو في طاهر الأمر أنّ عبد الرحمن أرادت أن تغلق صفحة من حياتها وللأبد، ولا يدري أحدٌ  لماذ لم تنس اسمها أيضاً، فقد كان بإمكانها فعل ذلك في أية مرحلة من حياتها. حذرته العمة خريفية في أن يتطرق لماضيها أو أن يحكي عن الحرب وما شاكلتها، لقد شبعتا من ويلات الحرب وشبعتا من أخبارها. تريدان الآن فتح صفحة جديدة من كتاب الحياة.

(…)

أنا هنا أقيم في معسكر آمن، لا تُوجد حرب في هذا المكان، وقريبا ستطبق اتفاقية السلام ويتم إعادة الأسرى، سأعود مباشرة لكسلا، الطعام كثير ومتوفر جدا، ونحن لا نعمل شيئا سوى النوم ولعب الكوتشينة، أمي، اطمئني ول تقلقي بشاننا، اريد أن أعرف أخبار اختي أمل فهي بدون شك تكون قد تخرجت في الجامعة منذ سنوات طويلة ماضية، أبي اكتب لي…….و