التانكي (مقتطفات)
تأليف: عالية ممدوح
تقطيع
أنتَ الآن، يا سيّد صميم، مَنْ يترجم سيرة تلك ال’نسة. تًدوِّنها، ولستَ متأكّداً من حدث إختفائها البطيء الصعب الذي شرع بالإخبار عن غيابنا نحن.. في العمق، هذه واحدة من إزعاجات تأليف الكُتُب والمخدطوطات، فما إن تبدأ وتشقٌ ساقية صغيرة، فتصير بركة ماء، ثمّ تتحوّل إلى جدول جارٍ، فنرى دجلة وهو يتكفّل بالباقي، يستلف منّا بعض الشَّخصيَّات، ويأخذهم إليه، أو يوقع العزل على ابعض الآخر، فيُشوِّه حياتهم.. أجل، أنا، ونحن أصابنا الفزع ممّا حصل ويحصل، لكنني، دكتور: ألتأليف لم يبقَ تحت إمرتي، ولا أحتفل بعزلتي من جهة أخرى، على العكس، صار التاليف عدوّاً يقف على حدود دماغي، وهو يعدّد الخسائر والبلى. لم أتفرّغ لسلطته وصرامته (…) فالبشاعة والأصوات المُدَوِّية التي أشعلت السماء منذ أعوام الثّمانينيّات وحتّى اليوم تتطلّب منّي رعاية صحّتي وحواسيّ وألياف عقلي بالدرجة الأولى، فأنا لم أغادر المدينة، مأخوذاً بالحدود القصوى لقدرة الكائن البشري على تحمّل الابتذال ولاسفاهة، وهو يصدّ ويرد قبل حدوث الانفجار.
لسان بيبي ولسان المدينة
أم بيبي فاطم التي تحبّ أيّوب أكثر من مختار، وأنا أحبّ لقب -بيبي- أكثر من الولدة؟ فكيف يُخطَف رجل في سنِّه، وندفع الفدية؟ نحوِّل بعض الوقفيات إلى دولارات.. لكنه لم يعد.. لم تصدق وحدها، ونكن كنّا نرى نهاية المدينة، كما هي نهاية ايّوب. قالت، وكان الاجتماع يوميَّاً في بيت صميم
:لا. بلكي تزوّج على مكّيّة. ها، صميم، ابني، جاوبني، هذا مختار المطيور لا يعرف غير درب -الكلجية- تقول كل شيء أمامي، ولا يزفّ لها جف
خليّ يروح، عيني صميمن لهناك، لا نقول لمكّيّة، شنو غير هي تفلة، بس أيّوب حتّى هذه بعدما عنده حيلها.. أي زين خطفوه، وين الجثّة.. ابني؟ بعد ما أقدر على المشي والعصا هذه لا تنفع.. ها شوف جالسة على الحجار بالشارع وأنتظر .. بلكي ربّ العالمين يرحم بحالنا.. شرطة الكاريعات ما تعرف. زين والدي إذا راح لدار الحقّ، وين الجثّة؟ بس خبّرني، صميم ابني، حتّى نصلّي عليها، وندفنها.. لا إله إلى الله.. أعوذ منكَ، يا لساني الزفر